ختم الشيخ عبدالله بن علي
الذهاب الى:

هو العلّامة الفقيه الشاعر الشيخ عبدالله بن الشيخ علي بن الشيخ محمد بن الشيخ عبدالله بن الشيخ أحمد بن الشيخ عبدالله بن الشيخ محمد بن الشيخ عبدالقادر، نشأ في بيت علم وأدب، فآباؤه إلى الأب العاشر كلهم علماء أجلّاء، حفظ القرآن الكريم و سِنُّه دون الثالثة عشرة، ثم اشتغل بطب العلم و المطالعة و الكتابة، فأعد مخطوطة لشرح ابن هشام على قطر الندى تقع في مئة و أربع وثلاثين ورقة نسخها و عمره ست عشر سنة، و عليها حواش بخطه، أملاها عليه جده الشيخ محمد. ولقد برز نبوغه المبكر في علم النحو حتى عُدّ سيبويه بلدته، حيث ظهر ذلك في أجوبته على أسئلة نحوية وُجّهت إليه.

اشتهر علمُ الشيخ و ذاع صيته، حتى أصبح علَماً في بلاده من أعلام الشعر والعلوم الشرعية، مما جعله مقصداً لطلاب العلم من داخل الأحساء وخارجها، ومن ذلك ما ذكره تلميذه الشيخ يوسف بن عيسى القناعي عندما قصد الأحساء مع مجموعة من طلبة العلم من الكويت لطلب العلم على يديه فمكثوا فترة طويلة، يقول الشيخ يوسف:

"ولما وصلنا المبرز أنزلنا الشيخ عبدالله في المدرسة، و منعنا من تكاليف المعيشة، و صرنا في ضيافته مدة إقامتنا، وكان من مكارم أخلاقه أنه يرى لنا الفضل عليه في الممالحة بسبب أنسه بنا وانشراح صدره."

بالإضافة للمكانة الشرعية للشيخ كانت مكانته الأدبية عالية لدى أدباء عصره، لبروزه في صناعتي الشعر والنثر، و كان للشعر النصيب الأوفر من أدبه، و لعل انفراده بديوان مخطوط دون سواه من شعراء تلك الحقبة بالأحساء يؤكد تلك المكانة. و عزز ذلك ما لقِيَتهُ قصائده من قبول و اهتمام فشُطِّرت و خُمِّست، كما فعل والي الأحساء الأديب أحمد العمري، و العلّامة الشيخ عبدالعزيز بن حمد آل مبارك، و الشيخ عبدالله العمير، و الشيخ أبوبكر ابن عبدالله الملا.

يقول الشيخ عبدالعزيز الرشيد عن الشيخ عبدالله بن علي:

"هو عالم قطر الأحساء بلا نزاع، أديبه الذي يرجع إليه في حل المعضلات، ويهتدى بنبراسه في مدلهمات المشاكل."

تولى القضـاة في المبرز بعد أبيه، وكان قاضياً -على نهج والده- قويـاً على الباطل لا يخاف في الله لومة لائم. له مواقف موثوقة تدل على وقفته الشديدة مع الحق واسهاماته البنائة في اصلاح مجتمع بلده.

تذكر المصادر التي تناولت سيرته جانباً من صفاته وأخلاقه -رحمه الله- ، فأما صفاته الخلقية: فكان قصير القامة، معتدلاَ لا بالسمين و لا بالنحيف، حنطي اللون، واسع الجبين، حسن العينين، أقنى الأنف، كث اللحية.

و قد اعتذر في قصيدة له عن لبس العمامة الحجازية الكبيرة عندما طلب منه ذلك لأنه لا يهتم بالمظاهر، و لأن العالم الحقيقي ،حسب ما قال، يُعرف بعلمه و قوله و فعله لا بشكله، و في ذلك قال:

متـى يـــروا العمـامـــة يـسـألـــوني ولـيـس العـلــم فـي طـي العـمـامــة
إذا لـبـس العمــامــــة غـير أهـــــــل يـريــــد جـمــالــها كـانـت ذمــامــــــة
دعــــوهـا للـذي إن شـــــــاء أجـرى يـنــابـيـــع العــلــــوم بـلا ســـآمـــــة
وراح الـــــــواردون وهـــــــــــــــم رواء قـــد ظـنّـــوا عمـــامـتــه غــــمامــــة


و أما وصفه في مجالسه، فكان في مجالسه العامة كثير الإرشاد و بيان هدي الرسول صلى الله عليه و سلم و هدي السلف الصالح، و الترغيب في كثرة العبادة. و إذا حضر أرباب الأدب كانت له الصدارة و المعرفة الواسعة بالأدب و الأدباء و الشعر و الشعراء، و كان قليل حفظ الشعر، و يقول: إنشاء الشعر أيسر علي من حفظه. و كان كثير الصمت و الوقار ، تعلوه المهابة و الإجلال ، قليل الحركة و إن طال جلوسه ، كثير استعمال الطيب و التجميل. وكان له مجلس ضحى يومي الثلاثاء والجمعة من كل أسبوع.

و في غير أوقات إرتباطاته كان يؤثر الانفراد والاشتغال بالتعبد حتى أطلق عليه معاصروه (العابد) لتقاه وورعه وزهده، و في ذلك يقول الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل عمير:

لقد شـرفت الأرض المبرز مــذ ثـوى بجانبها حـبـر العـلـــوم المـحــالـفُ
عنيت به الشيـخ المبجّل في الورى إمـــام الـهـــدى مـن للعـبـادة آلـفُ
هــو الحـبـــــر عـبدالله ابن علي من إلى آل عبدالقـادر الشــهـم قـائـف
يـبـيـت الليالي راكـعـاً ثــم سـاجــداً يناجي إلــه العـرش والليل راسـف


و لقد عُرف بقلة النوم في الليل، فإذا أحس بالنعاس اضطجع، وإذا ذهب عنه جلس يقرأ القرآن حتى يدركه النعاس، وذُكر أنه يختم القرآن الكريم كل يومين، وفي الهزيع الأخير من الليل يقوم للتهجد والدعاء، وفي ذلك يقول:

ولـولا ثـــلاث هـن مـن لـــذة الفتى وحـقـك لم أحفل متى قـام عـودي
سـيـاحـة قلبي في رياض أريضــــة من العلم مجـتـازاً على كـل مــورد
وتسـبــيـحـنـــــا لله جـــل جــــلالــه عـشـيـاً وبالأبـكار في كل مـسـجـد
وتـرتـيـــل آيـــــات الـكــتــاب مـنــوراً بهـا جـوف ليلي في قيام تهجــدي

ونذكر هنا ما ذكره تلميذه الشيخ العلّامة محمد بن عبدالله بن عبدالمحسن، حيث قال أن:

"الشيخ عبدالله كان يبدأ يومه بصلاة الصبح , ثم يجلس في مُصلّاه حتى تطلع الشمس , و ترتفع , فيقوم , و يصلي ركعتين , و ينصرف إلى بيته , و بعد قليل يخرج إلى المدرسة الشرقية الكائنة بفريق "السياسب" فيقرأ درساً عاماً في تفسير الإمام البغوي رحمه الله , و كلما ختمه أعاده , ثم يذهب إلى المدرسة الثانية في فريق "العتبان" ببلد المبرز , و يقرأ فيها شرح الإمام القسطلاني على صحيح البخاري، و كلما ختمه أعاده . و بعد الفراغ من الدرس يقرأ على التلاميذ في الفقه و العربية , ثم يفصل في الخصومات بين الناس و يوقِّعُ على الوثائق المحررة في الأحكام و البيوع و سائر المعاملات , ثم يرجع إلى بيته , فإن كان في الوقت سعه إستقبل زائريه أو زار بعض أقربائه ، و كان لا ينام في النهار، فكان بعد صلاة الظهر يرجع إلى بيته فيشتغل بقراءة القرآن ، و المراجعة و المطالعة في سائر الفنون . و بعد صلاة العصر يشتغل بالذكر والأدعية الواردة في أذكار الصباح و المساء حتى تغرب الشمس ، و بعد تناول العشاء يشتغل بقراءة السور المرغّب قراءتها كل ليلة ، و هي سورة السجدة ، و يس ، و الدخان ، والواقعة ، و تبارك ، و كان قليل النوم ؛ إذا أحسّ بالنعاس اضطجع ، و إذا ذهب عنه جلس يقرأ القرآن حتى يدركه النعاس ، ثم يقوم إلى تهجده حين يبقى ثلث الليل إلى أن فارق الحياة ".

في يوم الأربعاء 4/5/1344هـ توفي الشيخ عبدالله بن علي –رحمه الله- في بيته بعد أن أدّى صلاة العشاء في المسجد، و في ضحى اليوم الثاني لوفاته –رحمه الله- احتشد عدد كبير من سكان مدينتي المبرز و الهفوف و القرى التابعة لهما يتقدمهم العلماء والأعيان للصلاة عليه و دفنه، و أمّ المصلّين أخوه الشيخ محمد بن علي.

و بوفاته التي كان لها الوقع المؤثر في نفوس أهل الأحساء و طلاب العلم و الأدباء في بلدان الخليج العربي و الجزيرة، أفل نجم من نجوم العلم والمعرفة، و رثي بجملة من القصائد المؤثرة، أبانت الحرقة التي اعتصرت قلوب محبيه من طلاب العلم ورجال الأدب والعامة، ومن أبرزها قصيدة للشيخ عبدالله بن عبداللطيف العمير.

و قبل الختام نُجمل بعض المعلومات المتعلقة بالشيخ رحمه الله.

شيوخه:

  • قرأ على جدّه و والده علوم التفسير والحديث والفقه، وعلوم العربية.

  • قرأ علم الفرائض على الشيخ العالم الفرضي محمد بن أبي بكر آل غنّام المالكي.

  • قرأ على جملة من علماء الهفوف، منهم الشيخ العلّامة حسين بن فلاح، والشيخ العلّامة عبدالله بن أبي بكر الملا، والشيخ العالم العابد الزاهد محمد بن أحمد آل عمير.

  • رحل إلى الحجاز وقرأ على عدد من علماء مكة منهم الشيخ العلّامة أحمد زيني دحلان، والشيخ العلّامة محمد سعيد بابصيل.

الأعلى^

تلاميذه:
تلاميذه كثُر ولكن سنذكر بعضاً منهم:


الأعلى^

آثاره العلمية والأدبية:

  • الفتاوى العبدلية لذوي العلوم النقلية

  • ديوان شعر مخطوط، يوجد نسخة منها استنسخها تلميذه الشيخ يوسف بن عيسى القناعي.

  • نسخة من القرآن الكريم نسخها بيدّه.

  • نسخة من نُكت ابن هشام على كتاب قطر الندى.

  • رسالة في فضل علم العربية.

  • نُظم بعنوان "فوائد الصلاة والسلام على سيد الأنام صلى الله عليه وآله وسلم".

  • نسخة من كتاب الإرشاد لإسماعيل المقري اليمني.

  • نسخة من خلاصة المغنم وبغية المهتم باسم الله المعظم للشيخ علي بن حسين العطاس.

  • رسائل ومنظومات نفيسة في الرد على أهل البدع وشبههم.

  • نسخة من كتاب السراج الوهاج في قصة الإسراء والمعراج للعلامة أبي بكر الملا.

الأعلى^

الاصدارات التي اهتمت بآثار الشيخ وأدبه:


عن الموقع |  راسلنا  |  ابحث في الموقع  |  تنويه
جميع الحقوق محفوظة لمجلس

أسرة العبدالقادر


المبرز، الأحساء، المملكة العربية السعودية